انا والشيطان

قمرٌ محاقٌ بليد ، حرٌّ مُساقٌ شديدْ ، ليلٌ دامسٌ يمتد فيه الظلام على مدى الإبصار ، أشعرُ كأني أعمى ، إذْ أنظر إلى كفيَّ فلا أراهما .
صمتٌ ، أوشكتا أذناي أن ينفجرا على إثره ، فلا يوجدُ سوا نقيقِ الضفادع والصرصرةِ الصادرةِ من ضربِ تلك الحشرات لأجنحتها الصغيرةِ الحقيرةِ .
الحفيفُ الصادرُ من تلاطمِ أوراقِ أعوادِ الذرة مع الرياح على جانبي الطريق يلقي الفزعَ في قلبي ، يزدادُ فزعي كلما اشتدت تلك الرياح وكأنها لا تهدأ ولا ترتاح .
يتخللُ ركبتَيَّ رعشاتٌ متتالياتٌ ، يتخبطان ببعضهما ، أُوشكُ أن أسقطَ أرضاً مع هذا التخبط .
شعري أوشك أن يطقطقَ وأشعرُ أن الدماء تتجلط من تحته فيصيبُ أسفلَه الشلل .
يدورُ برأسي تلك الشجرة العتيقة السحيقة ، والأفرعُ الممتدة والمحتدة التي تُشكلُ أشكالاً تُرهبُ ناظِرَها نهاراً .
ويدورُ برأسي تلك الحكايات القديمة عن المقتولين أسفلَ تلك الشجرة وعن أرواحهم وأشباحهم التي تخرج ليلاً ، فترى ماذا ينتظرني عندها ؟
خطواتي ثابتة ومع كل هذا الفزع والرعب الشديدين إلا أنها ثابتة ولكن مازالت برأسي تلك الهواجس حول تلك الشجرة ، فلابد من المرور جوراها فهي ممري إلى طريقِ بيتي .
ما هي إلا خطوات وظهر الظلامُ المتخللُ تلك الشجرة وكأنها صُنِعَتْ من الظلام فأفرعها ظلام وهيكلها ظلام .
تتسارعُ دقاتُ قلبي ، أنفاسي تتقطع وأشعرُ بروحي يسحبها من جسدي فزعي ، فها هي تلك الشجرة المشؤومة المذمومة ، أُقبلُ نحوها وكأن الشلل سرى إلى كاملِ جسدي ، وإذا فجأةً !!!!!!
تتهشمُ أعوادُ الذرة الفارعة عن يساري وكأن جبلاً يمشي عليها ، أسمعُ أصواتاً كأصواتِ فحيحِ الأفاعي ، فالصوتُ مبحوح لكنه مدوي.
أنفاسي بدأت تختنق ، أشعر كأن ألفاً من الرجال متكتلون على جسدي فلا يقوى على الحراك ، النبض بقلبي وصل تسارعه إلى حد النهاية
وما هي إلا وهلة ورأيت وجوهاً تدور من حولي في ظهور واختفاء ، وجوهٌ يملؤها الجفاء والعداء ، وجوهٌ شيطانية في دائرة ميدانية ، فسقطتُّ مغشياً عليْ ...

ابدع فأبداع فأبداع

قصة رائعةواكثر من رائعة برغم الفزع الذي عشته معك وكأني هناك تحت تلك الشجرة انا والشيطان 32

اخي الغالي.اركان...... شكراً لك لما قدمته لنا

دومت متألقا ومبدعا

من طرف **زنوبيا** الخميس 27 أكتوبر 2016, 8:35 pm

بالطبع حالة رهيبة من الخوف انتابتك مع كل هذه الاحداث

المريبة ، لا اخفي عليك ارعبتني الاحداث كثيرا

وكانت الكلمات قووية زادت من هذا الشعور

أحسست وانني اقرأ قصة مترجمة لبيئة اروبية الى حد كبير

كيف لا يغشى عليك ؟ انا من الحوار كدت اسقط

حبكة ممتازة ومفردات مختلفة تماما عن العادي

يجذبني حوارك أشعر وانني بخيال غني بالعمق

ولو انني لا احبذ القصص المرعبة ولكن

من وقت لاخر احب ان اتطلع لتلك الاشياء

الا ان قصتك مختلفة تماما تُشجع على القراءة والوصول الى

نهاية ترضي الفضول الذي احدثته منذ البداية ومع اول السطور الشيقة

دمت نقي

من طرف **!هادية!** الإثنين 31 أكتوبر 2016, 8:13 pm

اخي الراقي الخلوق ركان

مساءك طيب

قرات القصة .. بل نقول صدي الاحساس في كلمات ..

واجتاحني للحظة احساس ليل حالك الظلام وكانني اسمع صوت نقيق الضفادع مثلك .. وحفيف الشجر .. ورهبة ريح واهن ..

وكان تلك الشجرة المشئومة تنظر الي ملامح الفزع التي ارتسمت علي وجهي وتبتسم في خبث يخفيني اكثر...

ولم يغشي علي .. ولكن تسارعت ضربات قلبي وزدت انارة غرفتي

هنا يكمن الابداع .. بل قمته ..

ان تصل بقارئك الي هذه الدرجة الرهيبة من التخيل ومعايشة الاحداث

وصف اكثر من رائع ومفردات بديعة

سلمت وسلم قلمك اخي الراقي

وسنظل ننتظر المزيد

احترامي ومودتي

من طرف **سيد & الحداد** السبت 05 نوفمبر 2016, 4:00 pm

اخي الراقي عمرو ...

يتساءل البعض كيف يمكن أن أكتب قصة قصيرة
لها من بيان الوصف ودقة السرد وجمالية المعنى ما يمكن أن تأخذ القارئ الى رحله...

من التأثير والتوتر ويعيش لحظاتها فاليأتي الي هنا ويشاهد قصتك وما بها من أثاره وتشويق..

لاشك عندي انك عندما تكتب قصه او نص يتسم قلمك بالثقة والرقي ..
يدور حولك ويلتف الابداع بين همس حروفك وسطورك ...

وكم من بلاغه بالمفردات والمعاني رأيتها هنا وكأن الشجره العتيقه وفروعها الممتده ..
اصبحت بهيــــــــة ثم ارتقــت غصنا به طير ... غردت وأرســـلت ألحانـــــــها شجـــيه
القصه رائعه لا ريب ولكني تمنيت ان لا ينتهي بنا المطاف عند هذه السطور القليله ..
اظن ان ما كتب هو جزء من احدي اجزاء وفصول متتاليه لهذه القصه المشوقه
شكرا لك والابداع هو مرآة لشخصك الكريم