وقفات بين يدي أية الكرسي

(( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) 

[rtl] لا أحد يشفع عند الله يوم القيامة إلا إذا أذن الله له ، وهنا نلمس الرحمة الإلهية بالعصاة من أمة محمد  ونبذ عمل كل كافر ولو كان صالحا  فلا شفاعة لأهل الكفر والجحود قال تعالى ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) قال ابن عباس: الذين ارتضى لهم شهادة لا اله إلا الله والله أعلم هم أهل المعاصي  من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وبما أن الله سبحانه طيب لا يقبل إلا  طيبا  ،ولما كانت المعصية خبيثة  لكونها وسخ فالله تعالى قدر من الأسباب تطهير أهل الإيمان من كل الذنوب والأوساخ ، بأن سخر لهم الأنبياء والشهداء والعلماء العاملون والمومنون ففي رواية عند البُخَارِيّ في كتاب التوحيد يقول: {فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي فيقبض قبضةً من النَّار} وهذا الحديث متفق عليه، وبعد أن يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون لأهل الإيمان  كما جاء في مسلم قَالَ: فيتحنن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى من يشاء فيخرج منها أقواماً لم يعملوا خيراً قط، ومعنى ذلك: أنهم عملوا حسنات ولكن أكلتها السيئات،  فليس معقولا  وما عندنا الأدلة من الكتاب والسنة أن نتصور في قوله لم يعملوا خيرا قط أن هذا يشمل من كتب عليه الخلود بجنهم، كلا فالعلماء قد ميزوا وفرقوا وقرروا وأكدوا على ضرورة التفريق بين الدخول والخلود،وإن كان الله تعالى يَسأل ولا يُسأل  ويفعل ما يريد ويغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء لكن كل الأدلة الشرعية تثبت أن الشفاعة لا تكون إلا للعصاة من أهل الإيمان، فعن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم -أو قال: بخطاياهم- فأماتهم الله إماتة، حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ،فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل، فقال رجل من القوم: كأن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد كان  بالبادية. وفي رواية البُخَارِيّ:{الشفعاء يعرفون المشفوع لهم بآثار السجود}والأحاديث الشريفة الصحيحة في هذا الباب كافية أن تشفي الغليل،وأكتفي  من ذكرها بحديث  بنبينا صلى الله عليه وسلم  ( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ) راوه أبو داود وغيره
و حديث  عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ . قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا وَنَعْلِي حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ ) صحيح الترمذي .
فحقيقة الشفاعة تكون يوم القيامة لكل من مات على الإيمان ولا شفاعة إلا بإذن الله كما جاء في حديث الشفاعة عن النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال فيه:فأوتى، فاستفتح فإذا نظرت إلى الرحمن وقعت له ساجدا، فيقال لي: ارفع رأسك يا محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه. فأقول: يا رب أمتي. قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه مثقال دينار إيمان إلا أخرجتموه. ويخرج ما شاء الله، ثم أقع الثانية ساجدا، قال: فيقال: ارفع يا محمد، فقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه. فأقول: أي رب أمتي. قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه نصف دينار إيمان إلا أخرجتموه. قال: فيخرج بذلك ما شاء الله، قال: ثم أقع الثالثة ساجدا، قال: فيقال: ارفع رأسك يا محمد، وقل يسمع لك، واشفع تشفع، وسل تعطه. قال: فأقول: يا رب أمتي، فيقول: اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه مثقال ذرة إيمان إلا أخرجتموه. فلا يبقى إلا من لا خير فيه .
فكثيرة النصوص  التي تدل على أن من عصاة المؤمنين من يدخل النار مع وجود الإيمان في قلوبهم ، ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين . والحقيقة  وربنا أعلم أن الله تعالى وعد المومنين الطائعين بجنة النعيم الخالد دخولا بلا عقاب ولا حساب،ويبقى الذين ماتوا على معصية من غير توبة أمرهم إلا الله إن شاء غفر لهم وإن شاء عفا عنهم ، والنصوص الشرعية معلومة وواضحة وضوح الشمس والقمر ولعل حديث المفلس يغني عن التوضيح والإطالة،نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفع فينا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن يدخلنا الجنة بلا حساب ولا عقاب وليس ذلك على الله بعزيز.[/rtl]