رد: الكلام أو الموت

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد

يا ليل ....
ولو أن شيء في الوجود استحق الثناء فلا شيء الا الليل
وأحبب به من ليل ليس لأني أميل للسكون مني للحركة وللكسل مني للنشاط
وإنما لليل جلاله وسحره وكائناته اللطيفة والعنيفة احيانا
او ربما لأن الناس نيام فالكون ألطف والوجود أرق ونسمات الهواء محملة بالمحبة بعد ان أثقلها نهار الناس بالشحناء والبغضاء
ربما

وأهل الفلك يقولون ان هذه الليلة فيها ميزة لا تتكرر او ربما لن تتكرر في حياة المرء طالت أو قصرت ورغم أني لا ارتاح كثيرا لأهل الفلك وأشك كثيرا كثيرا في نظرتهم للسماء وما خلف في السماء
لذا جلست لأري سماء هذه الليلة بعين ليلي
ويبدو ان شيء سيحدث اري الخشوع وهذا الرداء الشفاف من ضوء القمر المتعب أضاف للوجود شيء من طمأنينة
هل هو السكون الذي يسبق زخات الشهب
سأرى

وأميز شيء في ليل مصر البديع هو المآذن وذلك أن الله أنعم على مصر بأرض سماحه منبسطة هادئة رائقة لا شيء فيها يسد الافاق او يعجز الرائي
وانت حين ترسل نظرك تري هذا الليل المدهش الحنون وفِي الآفاق تلمع مآذن المساجد في البعيد كمنارات أمل هناك تقول لك هنا نور
أينما وجهت بصرك وجدت منارة تهدهد روحك وأملك

وأحب ساعات اليوم كله هي هذه الساعة .. ساعة السحر
حيث السماء أقرب والرحمات تتنزل وفي الآثر ... عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ ، من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له "
اللهم اغفر لي ذنبي واعفو عني ويسر لي شأني كله

...

وهذه هي الدنيا وهذا هو المرء يخطئ ويصيب ويذنب ويتوب ويفسد ويصلح وما الانسان الا هذا التناقض المعبر عن الحياة نفسها

وخير للمرء مهما كان ذنبه ومهما كان خطئه ومهما كانت احباطاته وفشله خير له أن لا يترك نفسه لهذا التنور ، فما الحياة إلا وقت ينقضي فتنقضي الحياة كلها ولهذا فلا شيئ أيسر من الاعتراف والاستغفار فهنيئا لنا رب غفور ، وبعد الاقتراف والاعتراف تكون هذه الوقفة وهذا التحدي فكما المرء أستطاع ان يسيئ ويخطيئ ويفسد ويذنب في وقت ما ، يستطيع أيضا في حاضره ومستقبله أن ينجز ويبدع ويطيع ويصلح ويحسن

أما من تمكنت منه آفة الكبر والمكابرة فهنيئا له هذا الضلال الكبير

أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا ... لولا الشعور الناس كانوا كالدمى

وليست المصائب التي تصيب الناس وتفجعهم هي أسوأ ما في الحياة
كلا فكم من شدة وكم من مصيبة وفاجعة أثمرت فيوضات وروائع وتجليات أظهرت أعمق ما في الإنسان .
لا شيئ أسوأ في الحياة من اللاشيئ !
تلك مرحلة الخواء التي حتى وإن ملك المرء كل مال الدنيا واحاطت به نعيمها لكنه من داخله تمكن منه هذا الخواء هذا اللاشيئ بالمرة هذه اللامبالاة القاتلة انما هو مسكين معذب شقي تعيس يستحق احسان المحسنين بينما يحسده الغافلين .
وهذه حياة أراها عادلة حين نركض خلف أصداء الحياة وزخرفها فلا نجد الا هذا الخواء وهذا اللاشيئ بينما نترك خلفنا وبداخلنا هذه الحياة الحقة العميقة المتمثلة في المحبة والرحمة
إن قوة وعبقرية هذه الحياة خافية وغافية في أبسط الأشياء وفي داخلنا البسيط

وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم

مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى

لبيت تخفق الأرياح فيه .. احب إلي من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشفوف
وأكل كسيرة من كسر بيتي ... أحب إلي من أكل الرغيف
وأصوات الرياح من كل فج ... أحب إلي من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق دوني .... أحب إلي من قط أليف
خشونة عيشتي في البدو أشهى .. فحسبي ذاك من وطن شريف

وهذه امرأة وجدت رغد الحياة بين يديها لكنها أحست معه بشبح الخواء ، فعرفت قيمة أبسط الأشياء وروعة الحياة حين تكون دائما على حذر